تنويه: أجريت المقابلة لمجلة (GEOPOLITICA) عبر الفيديو باللغة الرومانية، ومنحت حق استخدام ونشر المادة باللغة العربية لمجلة جي فوكس الدولية.
حوارات: مجلة جي فوكس
طرحت الصحفية الرومانية ميهايلا روسو مجموعة اسئلة على نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ميرسيا جيوانا، في سياق الحديث عن مجموعة مواضيع وقضايا دولية معاصرة، منها العلاقة بين الناتو وروسيا، والصين والعالم. وجرى الحوار على الشكل التالي:

ميهايلا روسو: السيد نائب الأمين العام، نتحدث عن فرعين أكثر حضورا في حياتنا: الروبوتات والذكاء الاصطناعي. يمكننا القول أن كلا الفرعين يتم استهدافهما بشكل متزايد من قبل الفاعلين الرئيسيين على المستوى الدولي ، لاستخدامهما بشكل خاص في المجال العسكري. في سياق سعي روسيا والصين لتطوير تقنيات جديدة بالتوازي دون اعتبار لحقوق الإنسان أو حماية البيانات، كيف ينظر حلف شمال الأطلسي إلى هذا الوضع؟ وهل الذكاء الاصطناعي من أولويات الناتو؟
نائب الأمين العام لحلف الناتو ميرسيا جيوانا: شكرًا جزيلاً لك على هذا السؤال وعلى هذا الموضوع المهم للغاية. في حلف الناتو، أقود أيضًا مجلس الابتكار، ومن الطبيعي أن ينظر الناتو في تأثير التقنيات الجديدة على أمننا، في الناتو وعلى الصعيد الدولي.
تحدثنا عن الذكاء الاصطناعي واستخراج البيانات، لأنهما يسيران معًا – بدون جمع البيانات، لا يمكن للذكاء الاصطناعي العمل. وأريد أن أخبركم أن الناتو هو أول منظمة دولية ضخمة تبنت، على مستوى وزراء دفاع الناتو، أول استراتيجية دولية للذكاء الاصطناعي، تتضمن مبادئ استخدام مسؤول ومعايير اخلاقية.
ان تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تعني: روبوتات، حوسبة كمومية، تقنية حيوية، منافسة فضائية، أجيال جديدة من المعدات العسكرية، يمكن استخدام نفس التكنولوجيا لصالح البشرية ، للتقدم الاقتصادي والاجتماعي ، للتقدم العلمي ، للتقدم الطبي الذي ما زالت البشرية بحاجة إليه، لكن نفس التقنيات والتكنلوجيا، يمكن أن تُستخدم في جانب مظلم للغاية من قبل البعض، لذلك من المهم جداً بالنسبة لنا في حلف الناتو أن نكون قادرين على ضمان استمرار التفوق التكنولوجي، فهو جزء من ترسانة الدفاع لنا جميعًا في الغرب، ولكن أيضًا لدينا مبادئ مسؤولة وأخلاقيات في استخدام تلك التكنلوجيا، خاصة أن الأنظمة الاستبدادية والشمولية تميل أحيانًا إلى إساءة استخدام هذه التقنيات، لمراقبة سكانها أو استخدامها بشكل ضار في المنافسة الجيوستراتيجية مع الغرب السياسي ، إذا صح التعبير.
ميهايلا روسو: في نهاية العام الماضي، أعلن فلاديمير بوتين أن روسيا ستبدأ العمل على برنامج تسليح جديد، سيتم من خلاله تزويد الجيش الروسي بأسلحة على أساس مبادئ فيزيائية جديدة، على أن تكون الأولوية للروبوتات والطائرات بدون طيار والليزر. أين الإتحاد الأوربي عندما يتعلق الأمر بالتغيرات والتطورات في المجال الرقمي؟
نائب الأمين العام لحلف الناتو: كما قلت سابقًا، الناتو هو المنظمة والتحالف السياسي العسكري الرائد في العالم. تمتلك دول الناتو – 30 دولة، مليار شخص، أكثر من نصف الناتج المحلي العالمي في دول الناتو، لدينا في دول الناتو أفضل الجامعات و الباحثين، والمجتمعات الحرة، حيث يتم تحفيز الابتكار والمنافسة، هذا هو السبب في أنه من المهم جدًا جدًا الحفاظ على التفوق التكنولوجي. لذلك السبب ان استثمار روسيا والصين، في مجال الأسلحة الحديثة، يشكل مصدر قلق لنا. لذلك نحن حريصون للغاية على امتلاك عناصر الردع ضد أي شكل من أشكال الترسانة العسكرية.
في حالة الصين، الأمور أكثر تنوعًا، بما في ذلك العسكرية والنووية، فهي تحرز تقدما كبيرا، وأصبحت لاعباً قوياً جداً في الذكاء الاصطناعي، والعناصر التكنلوجية العسكرية و المدنية ايضاً. لهذا السبب أريد أن أؤكد للجميع أن هذا التفوق التكنولوجي والعسكري ، الذي نتمتع به ، سيظل يمثل أولوية بالنسبة لنا ، ونحن ، في هذه اللحظة ، في جهد استثماري على مستوى الناتو ، من خلال انشاء مسرع الابتكار والذي يطلق عليه اختصاراً ( DIANA)، الذي أقوم بوظيفة رقابية فيه، بصفتي رئيس مجلس الابتكار في حلف الناتو، نعمل لضمان التأكد من يكون بين الحلفاء الأقوى في مجال او جانب معين، الذين لديهم قوة بحثية أكبر ، لديهم موارد أكثر ، لديهم أسواق رأسمالية أعمق ، والحلفاء ذوي البعد الاقتصادي الأكثر تواضعًا ، للتأكد من أننا نحافظ على نشر التكنولوجيا وقابلية التشغيل البيني عبر الحلف ، وهو الأمر الأكثر أهمية على مستوى الناتو ودول الحلفاء الثلاثين.
روسو: قال فلاديمير بوتين إن تصرفات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في البحر الأسود تمثل تحديًا جدياً لروسيا. كيف يستجيب الناتو؟ وما هي الخطوات التي يتم اتخاذها للتخفيف من حدة الوضع على الحدود؟
ميرسيا جيوانا: هذا القول مثال للمعلومات المضللة والسرد الكاذب. قبل كل شيء، الناتو هو تحالف دفاعي. إذا كان لدينا وجود لحلف شمال الأطلسي على الجانب الشرقي من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، فقد كان ذلك فقط بعد الاحتلال غير القانوني لشبه جزيرة القرم في عام 2014، وقبل ذلك التأريخ لم يكن لحلف الناتو وجود منظم على الجانب الشرقي، لا شيء، صفر. ولكن في الوقت الذي يحتل فيه الاتحاد الروسي بشكل غير قانوني الأراضي ذات السيادة لدولة أوروبية – القرم هي البحر الأسود، فمن الطبيعي أن يتخذ الناتو تدابير احترازية ويعزز القوة الدفاعية على الجانب الشرقي ايضاً، لهذا السبب كانت حملة التضليل هذه حول ما يسمى بالعدوان الذي يشنه الناتو؛ وهو على العكس من ذلك، فنحن نشجع الحوار مع الاتحاد الروسي لتلافي سوء التفاهم والتصعيد. وإذا نظرنا إلى ما وضعه الاتحاد الروسي كقوات ومعدات في كل هذه المناطق، فإنها لا تزال تمثل تصعيدًا يرفضه الناتو.
روسو: ما مدى خطورة العمل العسكري العدواني في أوكرانيا في الوقت الحالي؟
نائب الأمين العام للناتو: لا يمكننا أن نقول ما هي النية النهائية للاتحاد الروسي، لكننا نشهد بقلق تعبئة غير عادية وكبيرة للموارد العسكرية حول أوكرانيا وهذا بطبيعة الحال يسبب القلق والحذر من جانبنا. لا يمكننا أن نقول ما هي النية النهائية، إذا كانت شكلاً من أشكال الاستعداد لتوغل عسكري جديد محتمل ضد أوكرانيا، كما حدث قبل بضع سنوات. هل هذه مجرد طريقة للضغط على أوكرانيا وبشكل غير مباشر على الغرب بشأن هذه الأمور؟ علينا أن نرى ما هو الوضع. ولكن، من ناحية أخرى ، فإن دعوتنا القوية للغاية تتمثل في نزع التصعيد من جانب الاتحاد الروسي ، وفي حال قررت روسيا ارتكاب عدوان عسكري جديد ضد أوكرانيا، سوف يترتب على ذلك تكاليف باهظة، سياسياً، دبلوماسياً، اقتصادياً، مالياً. وأود أن أحيي الطريقة الموحدة والمتجانسة والمتماسكة للغاية التي استخدمناها في حلف الناتو، التي استجابت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها الأوروبيون لهذا التحدي، وأقول بوضوح شديد للاتحاد الروسي والرئيس. بوتين: تكلفة مغامرة عسكرية جديدة ضد دولة أوروبية مستقلة ستكون باهظة.
روسو: ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه رومانيا في هذه الأحداث؟
نائب الأمين العام لحلف الناتو: رومانيا حليف مهم في الناتو، وفي منطقة البحر الأسود، ومن الواضح أن رومانيا مهتمة وقلقة بشأن التطورات في حوض البحر الأسود. إنه أمر طبيعي لأنها جغرافيا مباشرة لحلف الناتو. وأريد أن أقول إن البحر الأسود منطقة شاسعة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة لحلف الناتو أيضًا. في الوقت نفسه، أريد أن يكون الرومانيون مقتنعين تمامًا بأن الناتو موجود هنا لحماية أراضي وسكان جميع البلدان المتحالفة، بغض النظر عن الجغرافيا، أنه في الشمال و الجنوب، وفي الشرقً أو في أي مكان آخر، وأن اجراءات الناتو للردع والدفاع مستمرة، وعليه يمكن طمأنة الرومانيين إلى أن الأمور لن تأخذ منعطفًا خطيرًا بالنسبة لبلادهم. لكن عدم الاستقرار والتوتر في منطقتنا يشكل مصدر قلق. لذلك ندعو الاتحاد الروسي إلى الحوار داخل مجلس الناتو – الاتحاد الروسي، الذي ترفض روسيا الحضور إليه والمشاركة. رغم ذلك نوجه دعوة جديدة للعودة إلى طاولة الحوار، ومناقشة ما يمكننا القيام به لتجنب سوء التفاهم، والتصعيد، واتخاذ تدابير لبناء الثقة، بما في ذلك الحوار بين الناتو والقادة العسكريين الروس، وهو عنصر مهم للغاية، بالإضافة إلى الحوار السياسي والدبلوماسي.
روسو: ما هو مستوى العلاقة بين الناتو وروسيا الاتحادية الآن؟
نائب الأمين العام للناتو: بلا شك و للأسف، عند أدنى مستوى لها منذ نهاية الحرب الباردة. إنه شيء لا نريده، ونحاول إيصاله إلى الاتحاد الروسي – لكنهم ليسوا مهتمين بأن تكون العلاقة سيئة. ولكن في اللحظة التي يقرر فيها الاتحاد الروسي أن يصبح عدوانيًا تجاه جيرانه ومصالحنا، بما في ذلك القيام بالهجمات السيبرانية، الأنشطة الهجينة، وممارسة التضليل، لزعزعة الاستقرار الامني في المنطقة الأوربية الأطلسية، إذن يصبح على الناتو اتخاذ تدابير وقائية دفاعية رادعة لحماية مصالحنا ومواطنينا وحلفائنا.
Source:
geopolitica magazine