في 30 أبريل/ نيسان من عام 2018 ذكر رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحفي عقده في وزارة الدفاع الإسرائيلية، اسم عالم الذرة الإيراني محسن فخري زادة وقال: “تذكروا هذا الاسم” ووصفه بأنه رئيس برنامج الأسلحة النووية في إيران.
“اغتيال مشروع نووي”
وبعد مضي عامين على تصريح نتنياهو، وتحديداً في نوفمبر عام 2020 أعلنت السلطات الإيرانية اغتيال كبير علماء الذرة الإيرانيين، محسن فخري زادة، بعد تعرضه لهجوم مسلح بالقرب من العاصمة طهران. وشّبه بعض المحللين دور ومكانة فخري زادة في إيران، بمكانة قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قتلته الولايات المتحدة بداية عام 2020. كما أن فخري زادة كان ضابطاً في الحرس الثوري، إذ انتسب إليه في اعقاب الثورة الإيرانية عام 1979. واعتبرت وكالات استخبارات غربية، فخري زادة، المسؤول عن برنامج سري للأسلحة النووية في إيران، وفي تقارير سابقة عن دبلوماسيين وصفوه بأنه “أبو القنبلة النووية الإيرانية”.
وخلال سنوات قبل عملية اغتيال زادة، وقعت سلسلة اغتيالات استهدفت ضباطاً وعلماء إيرانيين، عملوا في برنامج إيران النووي، ومنهم داريوش رضائي نجاد، الذي عمل على جهاز تفجير القنابل النووية وتم اغتياله عام 2011، مجيد شهرياري الذي عمل في إدارة «مشروع كبير» الذري، وتم اغتياله في نفس العام بقنبلة ألصقت في سيارته، ومسعود علي محمدي اغتيل عام 2010 وكان يعمل في مجال الفيزياء النووية، والعالم النووي مصطفى أحمدي روشان تم اغتياله عام 2012.
وفي شهر مايو/ أيار عام 2022، أعلنت إيران اغتيال العقيد في الحرس الثوري، حسن صياد خدائي، على يد مسلحين مجهولين وسط طهران، وكان خدائي قد شارك سابقاً بالحرب في سوريا. وأتهمت إيران الموساد الإسرائيلي بالعملية، وغالباً ما تطابقت الاتهامات الإيرانية مع تقارير إسرائيلية ودولية أشارت الى دور تل ابيب في اغتيال ضباط وعلماء إيرانيين.
“فشل الرد الإيراني”
في يونيو / حزيران من عام 2022، طالبت السلطات الإسرائيلية جميع مواطنيها بمغادرة إسطنبول وعدم السفر إلى تركيا، محذرة من أن حياتهم بخطر بسبب تهديدات إيرانية. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، (قبل توليه رئاسة الوزراء) ، خلال تصريح له، إن الحكومة الإسرائيلية تمكنت خلال الأسابيع القليلة الماضية من منع حوادث إرهابية بما في ذلك خطف وقتل مواطنين إسرائيليين. وكذلك مجلس الأمن القومي الإسرائيلي حذر الإسرائيليين من السفر غير الضروري إلى تركيا.
أما وسائل الاعلام الإسرائيلية فقد أكدت إحباط الامن الإسرائيلي لهجوم إنتقامي إيراني ضد مواطنين إسرائيليين في تركيا، وأشارت الى توفر معلومات لدى الموساد الإسرائيلي بإن الإيرانيين يخططون لهجمات ضد إسرائيليين خارج البلاد، رداً على الاغتيالات المنسوبة لإسرائيل، وذلك بعد فشلهم في الوصول لمسؤولين وشخصيات إسرائيلية كبيرة.
من جهتها، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن مسؤولين أمنيين من إسرائيل أبلغوا نظراءهم الأتراك بوجود شبكة إيرانية تخطط لشن هجمات على إسرائيليين في تركيا، وطلبوا منهم المساعدة في إحباط الهجمات، وقد كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن إن المخابرات التركية اعتقلت في الآونة الأخيرة إيرانيين كانوا يخططون لاستهداف سياح إسرائيليين بعملية إطلاق نار واختطاف، لكن السلطات التركية لم تعلق على الأمر وأكتفت بالرد “ان السلطات في أنقرة تتخذ الإجراءات الأمنية اللازمة لمكافحة الإرهاب بأكثر الطرق فعالية عبر العمليات المحلية والعابرة للحدود”.
أما صحيفة ” The Times of Israel” نقلت عن صحيفة تايلاندية خبراً مفاده ان الشرطة التايلاندية رفعت حالة التأهب لديها بعد حصولهم على معلومات تفيد بوجود جواسيس إيرانيين يخططون لهجمات ضد السياح الإسرائيليين، خاصة وان تايلاند تعتبر وجهة سياحية مفضلة للإسرائيليين.
من جانبه، قال اللواء محمد علي جعفري، القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني، في تصريح لوكالة تسنيم الإيرانية إن طهران وجهت ضربات لأهداف إسرائيلية قبل وبعد اغتيال حسن صياد خدايي، العقيد في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، موضحاً أن تلك الهجمات كانت في داخل وخارج إسرائيل ايضاً. وأضاف ان بلاده فضلت عدم الإعلان عن تلك العمليات.
وفي رده على الاتهامات بوجود تهديدات من جانب إيران على الإسرائيليين في تركيا، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده “إن الرد على أفعال إسرائيل سيكون في مكانه، وليس في دولة ثالثة”. وأضاف زاده، خلال مؤتمر صحفي، أن على تل أبيب أن تدرك أن طهران لن تسامح أبداً بشأن أمنها في المنطقة مع أي جهة كانت.
في مقابل ذلك، أقالت طهران رئيس استخبارات الحرس الثوري، حسين طائب، بعد نحو 12 عاما من توليه المنصب. وبينما لم يكشف المسؤولون الإيرانيون عن الأسباب التي وقفت وراء قرار الإقالة، إلا ان من المحتمل ان يكون لسببين رئيسيين: أولهما، فشل المؤسسة الاستخباراتية بالكشف عن الشبكات الإسرائيلية في إيران، ومنع الاغتيالات قبل وقوعها. أما السبب الثاني، هو الفشل باستهداف الإسرائيليين في تركيا كما كان مخطط له من قبل طهران. حيث أن قرار الإقالة وتعيين رئيساً جديداً لاستخبارات الحرس الثوري جاء في أعقاب تداول تقارير إسرائيلية لأسم “طائب” واتهامه بأنه يقف وراء “مخطط إيراني” لاستهداف الإسرائيليين في تركيا.
“هجمات سيبرانية”
يبدوا ان فشل طهران في استهدافها لإسرائيليين في تركيا، لم يمنعها من الاستمرار عن محاولاتها للرد على الهجمات الإسرائيلية في إيران، والتي كشفت بوضوح عن وجود اختراق إسرائيلي كبير فيها، حيث قامت مجموعة إيرانية بهجمات سيبرانية ضد مؤسسات وشركات سياحية في إسرائيل، نتج عنها تسريب بيانات أكثر من 300 ألف عميل. وكذلك كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، عن قيام إيران وحزب الله بتنفيذ هجمة الكترونية، كان الهدف منها سرقة مواد حول انتشار اليونيفيل في المنطقة، لاستخدامها من قبل حزب الله، على حد تعبيره. أما وزير الاتصالات الإسرائيلي، يوعاز هندل، أكد سعي بلاده لبناء قبة الكترونية حديدية لردع الهجمات السيبرانية.
وخلال كلمته في مؤتمر ” أسبوع الانترنيت” الذي عقد في جامعة تل أبيب، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينت: “مثلما هناك ردع نووي، سيكون هناك ردع سيبراني”. مضيفاً “يمكن اليوم من خلال الحرب السيبرانية ضرب العدو دون حاجة لإرسال المقاتلين وراء الحدود”.
وتشير المعلومات إلى إنها ليست المرة الأولى التي تقوم بها إيران بهجمات من هذا النوع ضد مؤسسات إسرائيلية، وهي تأتي ضمن إطار حرب سيبرانية متبادلة بين الطرفين.حيث أكدت شركة الأمن الإلكتروني “تشيك بوينت” إن هناك قفزة سنوية نسبتها 137% في متوسط الهجمات الأسبوعية على الشركات الإسرائيلية، وقد وصل عدد هذه الهجمات إلى نحو 1500 أسبوعياً في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022.
Comments 1