في ظل انشغال الدول الكبرى في الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها، تسعى الأطراف الرئيسية المعنية في الملف الكردي في الشرق الأوسط، إيران وتركيا والقوى الكردية المسلحة، إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب على الأرض. وتنذر المؤشرات لمزيد من التصعيد العسكري والتعقيد للمشهد الأمني والسياسي والإنساني في الفترة القادمة.
لكل طرف من تلك الأطراف مبرراته الخاصة فيما يتعلق بالأمن والمكاسب السياسية، ويرجح العديد من الخبراء أن اختلال النظام الدولي نتيجة الصراع الغربي – الروسي، وتراجع تأثير المؤسسات الدولية في حل النزاعات والأزمات، أدى إلى خلق فرص يسعى كل طرف لاستغلالها في سبيل تحقيق انتصارات على الطرف الاخر، حيث تسعى كلا من تركيا وإيران للقضاء على تهديدات القوى الكردية المسلحة، وكذلك المسلحين الاكراد يحاولون تحقيق مكاسب سياسية في هذا الصراع.
تقوم كلا من تركيا وإيران بهجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة تستهدف مناطق الاكراد في العراق وسوريا. ولا تقتصر تلك الهجمات على المناطق الحدودية، وشملت مدن رئيسية في كردستان العراق، مثل أربيل والسليمانية وكركوك، وبحسب التصريحات الرسمية الصادرة عن طهران وانقرة، فإن الأعمال العسكرية ضد المناطق الكردية تأتي في إطار الرد على أنشطة تقوم بها أحزاب وجماعات كردية مسلحة تتخذ من المناطق المستهدفة مقرات لها للعمل ضد البلدين.
الموقف التركي
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ” إن بلاده تستعد لشنّ عملية عسكرية برية ضدّ مقاتلين أكراد في سوريا، مضيفاً بالقول: “سنقتلعهم جميعًا قريبًا بالدبابات والمدفعية والجنود”. وذلك بعد قصف القوات التركية أهداف لمسلحين أكراد في شمال العراق وسوريا رداً على تفجير إرهابي أستهدف إسطنبول في تأريخ 13 نوفمبر من العام الجاري كان الامن التركي قد وجه أصابع الاتهام لحزب العمال الكردستاني و وحدات حماية الشعب الكردية، وأدى لسقوط ضحايا بين المدنيين الذين كانوا متواجدين في موقع الانفجار.
وبينما صعدت تركيا هجماتها الجوية ضد الاكراد في سوريا، فقد دعا البنتاغون الأمريكي انقرة للوقف الفوري للأعمال العسكرية، مضيفاً أن ذلك القصف يهدد أمن وسلامة الأمريكيين المتواجدين في المناطق السورية. حيث يتواجد 900 جندي أمريكي في سوريا، لا سيما في شمالها الشرقي، يعملون مع قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها مقاتلون أكراد من وحدات حماية الشعب، لمحاربة داعش.
الموقف الايراني
خلال شهر نوفمبر من العام الجاري 2022، نقلت وسائل إعلامية عن وكالة اسوشيتد بريس نقلها عن مسؤولين عراقيين أكدوا قيام قائد فيلق القدس إسماعيل قآني بزيارة غير معلنة الى بغداد التقى خلالها مسؤولين عراقيين وهددهم بشن عملية عسكرية برية شمالي البلاد، إذا لن يلتزم العراق بمنع تسلل المسلحين الاكراد الى داخل إيران.وأضافت الوكالة الإخبارية إنه في حال شن القوات الإيرانية مثل هكذا هجوم فأنه سيكون غير مسبوق على العراق، في إشارة إلى حجم العملية العسكرية المتوقعة.
وفي 24 نوفمبر/ 2022 نشرت وكالة الانباء الإيرانية (ارنا) نص رسالة رسمية وجهتها البعثة الدبلوماسية الايرانية الدائمة لدى الامم المتحدة، إلى أعضاء مجلس الامن الدولي، وأكدوا فيها نية بلادهم على التعامل بشكل صارم مع ما وصفوها بالتهديدات الأمنية من المناطق الحدودية في شمال العراق، وعرضت الرسالة وجهة النظر الإيرانية الرسمية بالإشارة إلى الاستمرار في الهجمات العسكرية ضد المعارضين الاكراد لدعمهم الاحتجاجات الشعبية في إيران وزعزعة الامن القومي انطلاقا من الأراضي العراقية، بحسب المزاعم الإيرانية.
وبحسب الرسالة الإيرانية ايضاً، ان المعارضين الاكراد يستخدمون الأراضي العراقية في نقل كميات كبيرة من الأسلحة الى الداخل الإيراني، واعتبرت طهران أن الحكومة العراقية قد فشلت في تأمين حدودها مع إيران.