دراسات مترجمة وحصرية النشر باللغة العربية على جي فوكس الدولية
نادرون هم الأشخاص الذين يتتبعون آثارهم عبر تاريخ شعوبهم. يصبح هؤلاء الأشخاص شخصيات من خلال إنجازاتهم واسعة النطاق وأبطال قوميين من خلال التغييرات التي يجرونها، ويمكن القول إنها قاعدة عامة أن يصبح هؤلاء الأشخاص قادة للدول والحكومات أو أنهم يؤثرون بطرق مختلفة على التأريخ وتطور الدول أو حتى المجتمع البشري برمته.
في المجال البحري، لم يكن هناك سوى عدد قليل من الشخصيات ارتبطت أسمائهم بتحولات كبيرة قاموا بها، وكانوا هم من اكتشفوا مناطق جديدة. ارتبط تأريخ التطور البحري للبشرية بأشخاص أنشأوا قوى بحرية من لا شيء، وبفضل انجازاتهم تلك، الممتدة لعقود أو قرون، فإن بلدانهم، في عصرنا الحالي، فرضت مصالحها على محيط كوكبي واسع. في القرن العشرين، أعتقد أنه لم يكن هناك سوى شخصين من تلك الشريحة المتميزة: الأدميرال سيرجي جورشكوف، الذي أنشأ الأسطول السوفيتي وجعل الاتحاد السوفيتي قوة بحرية عظيمة، والأدميرال ليو هواكينغ الذي أنشأ الأسطول الصيني عمليًا من لا شيء. علاوة على ذلك، فقد وضعوا أيضًا الأسس النظرية لتشغيل وتطوير هذه القوى البحرية التي كان مهندسوها، ووضعوا الأهداف الاستراتيجية الأساسية التي يجب تحقيقها، وكذلك الوثائق الأساسية لهذا المسعى (العقائد، والاستراتيجيات، والخطط الاستراتيجية).
من المثير للاهتمام أن القائدان العسكريان التقيا في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، عندما حضر ليو هواكينغ أكاديمية فوروشيلوف البحرية في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وكان الأدميرال سيرجي جورشكوف مدرسًا في هذه الأكاديمية. من المؤكد أن الأدميرال ليو أصبح من أتباع جورشكوف، لأنهم شاركوا نفس الأفكار حول القوة البحرية للدولة. بالعودة إلى الصين، عندما ظهر العمل الشهير للأدميرال جورشكوف، القوة البحرية للدولة (Морская мощь государство)، أوصى بحرارة زملائه بقراءته.
يشير بعض الكُتاب إلى أن ليو هواكينغ، وضع استراتيجيته الشهيرة (استراتيجية سلسلة الجزر) في منتصف الثمانينيات، ولكن في واقع الأمر، إن العقيدة البحرية للصين الشيوعية تشكلت بفضل الأدميرال جينغقوانغ (قائد البحرية الصينية بين 1950-1979)، وعملياً، كلاهما تلاميذ للأدميرال جورشكوف، حيث ان تطور القوتين البحريتين (السوفيتية والصينية) يشبه انعكاس الصورة عند النظر في مرآة.
على الرغم من أن الصينيين قرأوا لـ “ماهان” في وقت متأخر لكنهم استفادوا بالكامل من أفكاره. كما أظهرت بعض المصادر أن ماهان كان معروفاً لدى الصينيين من خلال ترجمات من اليابانية، حيث تُرجم عمله ” تأثير قوة البحر على التأريخ” في عام 1954، أي بعد 64 عاماً من ظهوره. لكن على أي حال، الشيء المهم هو أنهم قرأوه وفهموا جيدًا دور القوة البحرية. ومن الناحية العملية، كانت الصين قد قررت في مايو 1950 أن تصبح القوات البحرية فئة متميزة داخل جيش التحرير الشعبي.
بحسب مذكرات ليو هواكينغ، فانه في سن 36، تم تعيينه نائبا سياسيا في أكاديمية داليان البحرية في عام 1952، تبعتها فترة لمدة 4 سنوات شارك في دورات أكاديمية فوروشيلوف البحرية في الاتحاد السوفياتي، كرسته عمليا كضابط بحري، مع دراسات استراتيجية شاملة. تجدر الإشارة إلى أن السنوات الأخيرة من الدراسات في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، تميزت بقدوم الأدميرال سيرجي جورشكوف لقيادة القوات البحرية السوفيتية، وهو أحد الشخصيات الاستثنائية في عالم البحرية لدوره في انشاء قوة بحرية مهمة للغاية، ووضع استراتيجية لاتزال تهيمن على البحرية الروسية. وكان لاستمرار ليو في مسيرته البحرية في قيادة قاعدة لوشون البحرية، الواقعة قرب ميناء داليان، ثم في عام 1960، تعيينه نائباً لقائد الأسطول الشمالي في تشينغداو، أدى لإثراء خبرته في المجال البحري.
وفي عام 1961، جرى تعيينه مديرا لأكاديمية البحث (رقم 7) متخصصاً للبحث في مجال السفن والأسلحة والمعدات البحرية، ثم تعيينه في عام 1966، نائبًا لمدير اللجنة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا العسكرية، وكان قد عزز معرفته في المجال البحري على المستوى الاستراتيجي، لنحو 20 عاماً، قضاها في مجال الأبحاث ومعدات الجيش. وفي عام 1970، تم تعيينه نائباً لقائد القوات البحرية لتوفير السفن والمعدات، لمدة استمرت 12 عاماً في هذا المنصب، كرس الادميرال ليو خلالها سلطته في الميدان، وفهم جيداً كيف ينبغي هيكلة وتجهيز البحرية الصينية من أجل أن تصبح عاملاً مهمًا في المعادلة الجيوسياسية والبحرية الجيوستراتيجية للعالم، ونتيجة لذلك، في عام 1982، أصبح قائداً للقوات البحرية الصينية، لمدة خمس سنوات.
لا يمكن اختزال دور الادميرال ليو هواكينج، في إجرائه لتغييرات مهمة في وضع البحرية الصينية من كيان ساحلي بارز، إلى بحرية تجاوزت المياه الساحلية، لتصل إلى وجود عالمي، ولكنه استطاع ايضاً من وضع استراتيجيته الشهيرة التي دفعت بالصين بعد 30 عاماً، الى أن تصبح قوة من بين القوى البحرية الرئيسية في العالم، والاقتراب من تحقيق مكانة قوة بحرية كبرى. علاوة على ذلك، كان الادميرال ليو هواكينج، على قناعة تامة بأن الصين يمكن أن تصبح قوة بحرية كبيرة، ولذلك فقد كان أحد أقوى المؤيدين للتطوير والتحديث المستمر للقوات البحرية.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نقلت عن وكالة شينخوا الرسمية الصينية، رثائها للادميرال ليو هواكينج، حيث استذكرت بعض من كلماته التي قالها قبل وفاته، في عام 1987: ” بدون حاملة طائرات، سأموت وعيني مفتوحتان، البحرية الصينية بحاجة إلى بناء حاملة طائرات “. وعلقت الوكالة الصينية بالقول: “لكن لحسن الحظ رأت عيناه هذا قبل وفاته”. ( شكل توضيحي 1)
يمكننا رؤية التطور المذهل الحاصل في القوات البحرية الصينية. وفي سبتمبر عام 2016، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال مشاركته في ندوة خصصت للذكرى المئوية لميلاد ليو هواكينغ، إلى زيادة الجهود لتعزيز روح ليو هواكنغ، أدميرال الصين العظيم.
ان إستراتيجية هذا الادميرال الصيني العظيم، لا تزال مستمرة حتى اليوم بلا هوادة وأسرع بكثير مما تخيله الأدميرال ليو هواكينغ. أشار جونج لي، مدير معهد الإستراتيجية الدولية داخل المدرسة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إلى إن مشكلة الصين الأساسية “لديها بحار، ولكن ليس لديها محيط”، وعلى ما يبدوا ان الإستراتيجية البحرية للصين تهدف إلى معالجة ذلك الأمر تحديدا. وبينما قيل وكتب الكثير عن الإستراتيجية البحرية للصين، لكن لا أحد يستطيع أن يدعي أنه قرأ أي وثيقة رسمية لهذه الاستراتيجية، وهي تُلقب بـ “إستراتيجية سلسلة الجزر” (الشكل 1)، لديها عدد من الخصائص المحددة جيدًا منذ تطويرها حتى الآن، لذلك يمكننا القول ان لدينا معلومات وعناصر كافية حول هذه الاستراتيجية، ولكن القليل منها مراجع لمسؤولين صينيين يأخذونها ويشرحونها بالتفصيل.
تم تطوير العقيدة الاستراتيجية الحقيقية للصين (haijun zhanlue)، والتي لا تزال سارية حتى اليوم، في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، من قبل الأدميرال ليو هواكينغ باعتباره الحرفي الرئيسي الذي قال: “نظرًا لأن الموقع الاستراتيجي للمحيط الهادئ يصبح أكثر أهمية … و تعمل الصين تدريجياً على توسيع نطاق مصالحها البحرية ، مع اضطرار البحرية الصينية إلى تحمل مهام أثقل وأكثر عددًا في كل من وقت السلم والحرب “.
اعتبرت هذه الفترة مرحلة حاسمة حيث انتقلت فيها القوات البحرية الصينية من الدفاع الساحلي إلى الدفاع خارج المنطقة الساحلية (jinyang fangyu)، ومن منظور القوة الإسقاط في أعالي البحار والمحيط الكوكبي، وهو مفهوم معروف في الأدبيات المتخصصة باسم “استراتيجية المياه الزرقاء”. حدث هذا التطور في الفترة 1982-1986، عندما تمكن الأدميرال ليو من فرض مفهومه الاستراتيجي. وكذلك استطاع الادميرال ليو بالاتفاق مع القادة الشيوعيين على وضع الاستراتيجية لغاية عام 2050 عندما تصبح الصين قوة بحرية عظمى حيث يمكنها إبراز قوتها على منطقة المحيط الهادئ، والمحيط الكوكبي بأكمله، وكذلك سيحل المحيط الهندي محل الولايات المتحدة الأمريكية. (شكل توضيحي2)
كما أوضح الأدميرال ليو هواكينغ في مذكراته، كان على الصين أن تسعى وراء أربعة أهداف رئيسية، والتي كانت متوافقة مع التطور الاقتصادي والعسكري للصين بمرور الوقت (الشكل 2). من اللافت للنظر أن مراحل تنفيذ استراتيجية الأدميرال ليو هي بالفعل مراحل لإستراتيجية كبرى. عمليًا، كانت أي استراتيجية أخرى ستنشئ المزيد من المراحل وستؤدي إلى فلسفة أكثر من الفعل. إن الإستراتيجية البحرية الصينية التي تم تنظيمها على مدى 70 عامًا تقريبًا، تتكون من ثلاث مراحل رئيسية، يتم إجراء التحليل والتعديلات والتصحيحات وإعادة التقييم بشكل دوري عليها، ولكن من المؤكد إن جوهرها لم يتغير. ان المراحل الأربع للتنفيذ واضحة جدًا، بحيث لا يتعين عليك أن تكون متخصصًا في الاستراتيجيات لفهم ما تريده الصين في المجال البحري. (شكل توضيحي 3 )
بسبب المعلومات غير المتسقة إلى حد ما حول إستراتيجية الأدميرال ليو، وقبل كل شيء ، بسبب تقدم بعض المواعيد النهائية لتطبيقها ، والتي يضاف إليها أيضًا حقيقة أن العناصر الخاصة بمرحلة واحدة موجودة أيضًا في مراحل أخرى، فإن بعض المتخصصين ، اعتبروا أن الاستراتيجية البحرية الصينية لها ثلاث مراحل فقط، وذلك بجمع المرحلتين الأولى والثانية في مرحلة واحدة ، متناسين أن الصين بدأت من قوة بحرية ساحلية بارزة وخاضعة بالكامل تقريبًا للقوات البرية، ومن المفارقات على ذلك هو وضع مشابه لحالة الإمبراطورية الرومانية، حيث كانت الأساطيل تابعة لجحافل الأرض، وهي حقيقة تعني أن الإمبراطورية الرومانية لا يمكن أن تكون قوة بحرية في ذلك العصر. عمليا، التطور الاقتصادي والخصائص الجغرافية لسواحل الصين مواتية للغاية، حيث عززت إنشاء القوات البحرية الصينية الحديثة.
يبلغ طول الخط الساحلي للصين 18000 كم، يضاف إليه سواحل جزرها، بطول 14000 كم، وأكثر من 160 خليجًا بمساحة تزيد عن 10 كم 2 وأكثر من 400 كم من المناطق الساحلية ذات الأعماق التي يمكن أن تسمح بناء الموانئ. يتطلب تحليل كل مرحلة مساحة كبيرة، لذلك سنقتصر فقط على العناصر المهمة التي تحدد هذه المراحل. بدأت المرحلة الأولى من قبل الأدميرال ليو هواكينغ، وشملت بناء سفن أكبر، قادرة على التغلب على المناطق الساحلية (جينان فانغيو)، و قادرة على العمل حتى حدود المياه الإقليمية، خاصةً، الطرادات والفرقاطات، وكذلك الغواصات ذات الدفع الكلاسيكي. يضاف إلى ذلك الطيران القادر على القيام بمهام محددة في البحر. وخلال المرحلة الأولى، لجأت الصين إلى الواردات من الاتحاد السوفيتي، كما مرت بمرحلة البناء المشترك مع السوفييت لبعض المنصات البحرية، وبعد ذلك انتقلت تدريجياً إلى خططها وإنتاجها.
تم التخطيط لعام 2000، ولغاية منتصف التسعينيات من القرن الماضي، تم الانتهاء من المرحلة الأولى من الاستراتيجية البحرية للأدميرال ليو، أي الدفاع خارج المناطق الساحلية، داخل المياه الإقليمية، وابتداءً من هذه الفترة، انتقلنا إلى المرحلة الثانية، وهي توسيع القوة البحرية للصين حتى “السلسلة الأولى من الجزر” (diyi daolian) ، بالتزامن مع إطلاق برنامج بناء السفن اللازم لتشكيل المجموعات البحرية، بما في ذلك مجموعات حاملة الطائرات البحرية. تقع هذه المهمة على عاتق خليفة الأدميرال ليو، الأدميرال تشانغ ليان تشونغ ( Zhang Lianzhong )، ولم يخيب آمال سلفه، حيث أطلق بناء السفن البحرية للصين حتى تصل إلى السلسلة الأولى من الجزر، أي 200 ميل بحري قبالة ساحل الصين.
منذ البداية جرى التفكير والتخطيط للسلسلة الأولى على أن تتكون من محيطين أمنيين، على بعد 60 ميلًا بحريًا و 150 ميلًا بحريًا، وتمتد من فلاديفوستوك، في الشمال، إلى مضيق ملقا، في الجنوب، مروراً باليابان (جزر ريوكيو) والفلبين وبحر الصين الجنوبي. المرحلة الثالثة، المخطط لها أن تبدأ من عام 2020 وهي جارية بالفعل، وستمتد حتى عام 2040 وتهدف إلى توسيع منطقة عمل القوات البحرية الصينية إلى 600 ميل بحري، لكن السيطرة على (جزر سبراتلي) في بحر الصين الجنوبي، سيؤدي الى توسيع منطقة العمل هذه لتصل الى 1800 ميل بحري.
يمكن العثور على هذا المفهوم في استراتيجية الجنرالات ليو وتشانغ، تحت اسم “سلسلة الجزر الثانية” (ديير داوليان) التي تشمل جزر كوريل، في الشمال، وجزر بونين، وماريانا، وبابوا غينيا الجديدة، في الجنوب، ويفترض إنشاء قوة مماثلة لأسطول الاتحاد السوفيتي السابق أو حتى بقدرات البحرية الأمريكية. إذا نظرنا إلى ما يحدث حاليًا، فمن الواضح أن هذه المرحلة ستتقدم أيضًا وأنه في مستوى عام 2040، ستكون الصين موجودة بالفعل، على نطاق واسع، على الأقل في محيطين، المحيط الهادئ والهند، مع الملاحظة اللازمة أنه سيتعين عليها مشاركة هذه المحيطات مع روسيا والهند، وأن تحدد معًا حدود منطقة عمل الأسطول الأمريكي.
المرحلة الأخيرة، مُخطط لها أن تتبلور خلال السنوات 2040-2050، حيث ستتألف من تعزيز وجود القوات البحرية الصينية في جميع أنحاء المحيط الكوكبي الشاسع، ويتمثل ذلك على شكل غواصات حاملة للصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، ذات المدى الطويل، وكذلك السفن الكبيرة من فئة الطرادات وحاملات الطائرات، وفقًا لمفهوم “المياه الزرقاء”(yanyang haijun). وتأكيداً على ذلك، أطلقت الصين في صيف عام 2017، المدمرة Type 055، بحمولتها 12000 طن، وبالأساس، إن هذه السفينة هي طراد، وتخطط الصين لبناء ثماني سفن من هذا النوع، ستة منها قيد الإنشاء بالفعل، وسيتم تجهيز واحدة تم إطلاقها في عام 2017 في عام 2019. دعونا لا ننسى أن أول حاملة طائرات من تصميمنا وبنائنا هي أيضًا قيد الإنشاء. من الواضح أن الصين ليس لديها فقط هذا البرنامج لبناء وتجهيز البوارج الكبيرة، ولكن أيضًا وتيرة تجهيزها مذهلة حقًا، فعلى سبيل المثال، قامت الصين بتكليف 23 سفينة سطحية في عام 2016، بينما لم تكلف الولايات المتحدة سوى ست سفن، ولم تكن هناك سفن يابانية. إن التقديرات المتعلقة بالشكل الذي سيبدو عليه الأسطول الصيني في عام 2030، والتي تعود لنائب الأدميرال الياباني يوجي كودا، تبدو مبهرة (شكل توضيحي 4)
على الرغم من استخدامي طوال سنوات لمواد شاقة للغاية أنتجتها خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكية، لمتخصصهم في الشؤون البحرية، الأدميرال رونالد أورورك، حيث أعتبره مصدر أعطيته مصداقية للمواد التي يعمل عليها، ولكن تفاجآت، ان العديد من البيانات في خصوص هذا الموضوع لا تتوافق مع الواقع وتنتج حتمًا أخطاء في الحكم، وبالتالي لجأت إلى مصادر أخرى أكثر مصداقية. فإن التقرير الذي أعده الأدميرال رونالد أورورك، والذي يهدف إلى التأثير على القرارات التي سيتم اتخاذها. على سبيل المثال، لم يرد ذكر لغواصة الصواريخ الباليستية من الدرجة 096 والتي ستكون في الخدمة مع القوات البحرية الصينية في المستقبل القريب. (تحديث من الموقع: الغواصة أصبحت داخل الخدمة).
في عام 2015، أجرت الصين تغييرات في استراتيجية “سلسلتي الجزيرتين”، ولكن ليس بمعنى التعديل، انما إعادة تقييم المواعيد النهائية للتطبيق. ونتيجة لذلك، تفاوضت الصين بسرعة على إنشاء قاعدة بحرية في جيبوتي عام 2015، ووقعت الاتفاقية في أوائل عام 2016، وافتتحت القاعدة في عام 2017، وتفاوضت لإنشاء قاعدة بحرية في فانواتو، مما يظهر أن الصين تريد أن تمتلك السيطرة على غرب المحيط الهادئ بأكمله، لأن عمليا، في حال نشوب نزاع في منطقة “سلسلة الجزر” المُغلقة من دول غير مواتية للصين، فإن بكين تتمكن من المناورة بأمان بقواتها البحرية والسيطرة على الغرب المحيط الهادئ.
من المؤكد أن هناك تقسيم لمجالات النفوذ، بين روسيا والصين. حيث ان روسيا تهتم بنصف الكرة الشمالي، بينما الصين بالنصف الجنوبي، وفي الوقت الحالي، كلا البلدين ممثلان بشكل ضعيف في المحيط الأطلسي، لكن من الواضح أن الوضع لن يظل على هذا النحو، لأن روسيا تجعل وجودها محسوسًا بشكل متزايد من خلال السفن في البحر الأبيض المتوسط (حيث يتم تجميع أسطول روسي) وسفن من أسطول بحر البلطيق والأسطول الشمالي، والصين من خلال تواجدها المتزايد باستمرار في جنوب المحيط الأطلسي، وكذلك في العديد من الدول الأفريقية من خلال التعاون أيضا، مستهدفة جنوب افريقيا بشكل خاص، ولكن روسيا تسعى لنفوذ في المنطقة أيضًا، تحت ذرائع تجارية.
كقاعدة عامة، أستنتج ان القوات البحرية الصينية ستواصل رحلتها بقناعة أنها ستحقق حلم الادميرال ليو هواكينغ، بجعل وجودها محسوساً في المحيط الكوكبي بأكمله. وأنا على قناعة بأن المسألة ليست مجرد مجود. ما هو مثير للاهتمام ليس بالضرورة وجودهم على المحيط الكوكبي، ولكن الأهداف التي يسعى إليها قادة الصين والتي سيتبعها تطور المهام التي سيتم تخصيصها للقوات البحرية. الأدميرال ليو هواكينغ قام بواجبه!.