في 3 أغسطس/ آب 2014، هاجم تنظيم داعش الإرهابي قضاء سنجار في شمال العراق لتبدأ مأساة إنسانية كبيرة للايزيديين تمثلت بقيام عصابات داعش الإرهابية بعملية تطهير عرقي على شكل عمليات إعدام جماعية وإجبار على تغيير الديانة وعنفا جنسيا واسع الانتشار، بالإضافة إلى ذبح الآلاف من الايزيديين، واسترقاق أكثر من 6،500 من النساء والأطفال وتسبب العنف بتشريد أكثر من 350،000 في مخيمات النزوح شمالي العراق. ولا يزال أكثر من 120،000 ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم، كما تعيش غالبية الأفراد بدون خدمات حيوية منذ صيف عام 2014، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم ودعم سبل العيش. ومنذ تحرير قضاء سنجار من داعش في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 والصراع محتدم فيها بين قوى متنافسة عدة، عربية وكردية وآيزيدية، للسيطرة عليها، نظراً لما تشكله المنطقة من أهمية بالنسبة إليها فضلاً عن دول إقليمية كإيران وتركيا. وفي 9 أكتوبر/تشرين أول 2020، وقعت الحكومة العراقية، اتفاقاً مع حكومة إقليم كردستان، يقضي بحفظ الأمن في سنجار من قبل قوات الأمن الاتحادية، بالتنسيق مع قوات إقليم كردستان شمالي العراق، لإخراج الجماعات المسلحة غير القانونية إلى خارج القضاء. كما نص الاتفاق أيضا، على إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني التركي (PKK)، في سنجار، وإلغاء أي دور للكيانات المرتبطة به في المنطقة. الا أن اتفاق سنجار لم يفضي لحد الان الى إعادة الإدارة القانونية الى قضاء سنجار التابع الى محافظة نينوى العراقية، بعد ثماني سنوات من نزوح سكانه هربا” من جرائم وانتهاكات عصابات داعش الإرهابية، بسبب استمرار وجود الجماعات المسلحة غير القانونية في محيط قضاء سنجار الذي لايزال منطقة غير آمنة لعودة الناس إلى ديارهم.
الأهمية الجيوسياسية
برزت الأهمية الجيوسياسية لمنطقة سنجار بعد استيلاء تنظيم داعش الإرهابي عليها في عام 2014، وقطعه طريق التواصل بين المناطق التي ينشط بهما حزب العمال الكردستاني التركي (PKK)، والتنظيمات المرتبطة به في مناطق شمال العراق (جبال قنديل وهاكورك)، ومناطق الشمال الشرقي السورية حيث تعمل قوات سوريا الديمقراطية(قصد) وقوات “روج أفا” الكردية. كما أن أهمية منطقة سنجار الإستراتيجية تتأتى من كونها منطقة وثوب الى مدينة الموصل التي تبعد80 كيلومترًا عنها ونحو50 كيلومتراً عن الحدود العراقية السورية و70 كيلومتراً عن الحدود التركية. ويشرف جبل سنجار القريب من الحدود السورية العراقية ويبلغ ارتفاعه حوالي 1400 متر، على الطريق الاستراتيجي بين شمال العراق ومنطقة الحسكة السورية. ولذلك تنظر أنقرة إلى سنجار بوصفها مفترقَ طرقٍ إستراتيجيا” لضمان أمنها، ولذلك تسعى تركيا إلى مد وجودها العسكري إلى منطقة سنجار. كما أن منطقة سنجار تشكل أهمية استراتيجية بالنسبة لإيران كونها تتحكم بالطريق باتجاه سوريا ولبنان وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، والذي تسعى القوات الأمريكية الى منع إيران من السيطرة عليه من خلال ادامة وجود عسكري امريكي قريب أو فيها بالاتفاق مع اقليم كردستان العراق بإقامة قاعدة عسكرية أمريكية في جبل سنجار حسب البرتوكول الموقع مع الإقليم في 12 تموز عام 2016م. استنادا” لكل ذلك فان منطقة سنجار أضحت منطقة صراع إقليمي تركي إيراني، وامريكي إيراني.
المشهد الأمني في سنجار
منذ تحرير منطقة سنجار من قبضة تنظيم داعش الإرهابي في عام 2015، أضحت منطقة نفوذ مشتركة بين البيشمركة وحزب العمال الكردستاني(PKK)، في وقت صار فيه المشهد الأمني في منطقة سنجار يشكل مبررا لعمليات قصف تركية بالصواريخ تارة وبالطائرات المسيرة تارة أخرى، بحجة ارتباط الكيانات المسلحة المنتشرة في القضاء بحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي تعده انقرة تنظيما إرهابيا، ورغم الجهود الأمنية التي تبذلها القوات الأمنية العراقية استنادا الى اتفاق سنجار 2020، الا أن المشهد الأمني في سنجار لايزال معقدا في ظل تواجد وانتشار تنظيمات مسلحة مختلفة الولاءات الى جانب تواجد لقوات الجيش العراقي الاتحادي والشرطة الاتحادية وكما يلي: –
-
قوة حماية ايزيدخان أو (وحدات حماية ايزيدخان): وتسمى أيضا قوات اسايش ايزيدخان وهي جماعة إيزيدية تشكلت من قبل (حيدر شيشو) في صيف 2014 في استجابة لاضطهاد الايزيديين على يد داعش. كانت مدعومة من قبل البيشمركة، ولها جناح نسوي مسلح تحت عنوان (وحدات نساء ايزيدخان)، في أكتوبر 2015 أسست تحالف سنجار وهو هيكل قيادة مشتركة، يتألف من وحدات مقاومة سنجار ووحدات نساء ايزيدخان يقدمان نفسهما تحت مظلة اتحاد مجتمعات كردستان. يصل تعداد قوة حماية ايزيدخان الى (3000) عنصر وتعمل بتناغم مع قوات البيشمركة الكردية وتنظم في تشكيل بمستوى لواء. الى جانب نحو 750 عنصرا من اسايش ايزيدخان غير مسجلين ضمن التشكيل.
-
قوات مقاومة سنجار الايزيدية: وتعرف باسم (يه به شه اختصارًا YBŞ) هي وحدات إيزيدية تشكلت في العراق في 2007 وتعتبر ثاني أكبر جماعة أيزيدية، بعد قوة حماية ايزيدخان، رغم إنها أكثر نشاطًا في محاربة داعش. وتعدادها أكثر من 1500 عنصر وتسليحها أفضل من بقية الميليشيات الأخرى وتتوافر على عشرات المقرات ومخازن الأسلحة والأعتدة المنتشرة في الكهوف والجبال المنتشرة بالقضاء وتعمل قوات مقاومة سنجار الايزيدية في تناغم مع قوات الدفاع الشعبي من حزب العمال الكردستاني (PKK). في مناطق زورئافا، كوهـ به ل، بورك، وبارى وسكينية، وناحية كرعزير ومجمع سيبا شيخ خدر ومجمع كرزه رك، ومجمعي دوو كرى وخانه سورى الذي يتبع ناحية سنوني، وتحتفظ بوجود في داخل المدينة كمراكز حزبية.
-
قوات فرماندا شنكال (البيشمركة الايزيديين): وهي قوات تتبع الحزب الديمقراطي الكردستاني ويبلغ تعدادها حوالي (2000) عنصر يقودهم (قاسم شيشو) الألماني الجنسية وهو عم (حيدر شيشو) زعيم قوة حماية ايزيدخان.
-
الجبهة القومية للايزيديين: يتموضع هذا الفصيل في منطقة جنوب سنجار، وهو قوة إيزيدية موحدة بقيادة نايف جاسو.
-
الحشود العشائرية والشعبية: وهي حشود تتألف من عناصر مسلحة مدعومة من الحكومة الاتحادية وتنتشر في المناطق التالية:
-
نوادر شمر: قوة عشائرية تتألف من (500) عنصر من العرب المتواجدين في منطقة سنجار وتتألف من الفوج 69 والفوج 70 وهي بقيادة عبد الخالق المطلك الجربا.
-
فوج قوة سنجار: ويضم (140) عنصر ينتشر في مركز قضاء سنجار.
-
فوج كوجو: قوة شعبية تضم (250) عنصر تنتشر في كوجو وتل قصب.
-
فوج 79: ويضم (60) عنصر من الايزيديين وينتشر في ناحية سنوني.
-
فوج لالش (وحدة الدفاع عن سنجار): ويضم (170) عنصر من الايزيديين وينتشر في مناطق سيبا شيخ خدر وتل بنات ويقوده خال علي.
-
صقور سنجار: فوج يضم (250) عنصر من الايزيديين وينتشر في مركز قضاء سنجار وقرية سينو وهو بقيادة عباس البشكاني.
-
فوج القوة الايزيدية: ويضم (500) عنصر من العرب وينتشر في المناطق العربية من سنجار.
-
القوات العراقية الاتحادية: تنتشر في مركز المدينة وعلى الطرق الرئيسية الممتدة من المدينة شمالا وشرقا وجنوبا وغربا حيث تتوزع حواجزها العسكرية، كما في المناطق على الحدود السورية، وتحتفظ بتواجد قوي في ناحية سنوني شمال سنجار وتتألف اللواء (72) واللواء (60) من الفرقة (فق20) جيش عراقي ولواء من (فق15) وكتيبة من (فق مع 9).
-
فصائل الحشد الشعبي: تنتشر فصائل من الحشد الشعبي في مركز المدينة وفي شرقها وكامل المناطق الجنوبية نزولا الى البادية والصحراء، ويقدر تعداد عناصرها بـ(15،000(ألف مقاتل..
-
قوات الشرطة: ينتشر (1000) عنصر من الشرطة المحلية التابعين لمديرية شرطة سنجار في مركز قضاء سنجار.
-
قوات من البيشمركة الكردية: ينتشر الاف منها في منطقة “مزار شرف الدين الايزيدي” بجبل سنجار، ويتوزع عدة آلاف آخرون في مناطق شمال غربي سنجار التي تخضع لسيطرة حكومة كردستان.
-
قوات حزب العمال الكردستاني التركي (PKK): وينتشر حوالي (5000(تحت عنوان (قوات الدفاع الشعبي) في ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ لمدينة سنجار ﻭﻓﻲ ﺟﺒﻞ ﺳﻨﺠﺎﺭ، وكذلك في ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ الشرقي ﻭفي داخل ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﻨﺠﺎﺭ ويقود قوات (PKK) زعيم الحزب (جميل باييك)، أما بقية قوات حزب (PKK) فتنتشر في قواعد عسكرية لها في جبال قنديل، وعلى طول المثلث العراقي التركي الإيراني، وتحديداً في جبال هاكورك، وفي مرتفعات جبال كاره في محافظة دهوك.
Comments 1