تشير المعلومات المتداولة والتصريحات الصادرة عن مسؤوليين صينيين الى مؤشرات قوية على ان الصين لديها توجه لإزاحة الولايات المتحدة من موقع زعامة العالم، واستعداد الصين للزعامة عالمياً. وفي هذا الصدد فإن واحدة من ساحات إدارة الصراع والتنافس الامريكي – الصيني، تايوان، الحليفة لواشنطن، والتي تعد بكين دعم الامريكيين لحكومتها تهديداً مباشراً للأمن القومي الصيني.
تصعيد سياسي وتحركات عسكرية
وفي خضم الحرب الروسية على أوكرانيا أختلطت الاوراق وتشابكت القضايا وشهدت العلاقات الدولية تفاعلات ومواقف فجرت ملفات وأزمات قديمة جديدة، ففي الوقت الذي تتهم واشنطن بكين بدعمها لروسيا في مواجهة العقوبات الغربية عليها، قامت رئيسة مجلس النواب الامريكي، نانسي بيلوسي، بزيارة تايوان، ورغم اعتبار مسؤولين أميركيين تلك الفكرة سيئة للغاية، إلا أنها لاقت قبولاً لدى بعض الجمهوريين والديمقراطيين.
من جهتها، رفضت وزارة الخارجية الصينية، زيارة بيلوسي المرتقبة الى تايوان، وحذرت على لسان الناطق باسمها، تشاو ليجيان، واشنطن من عواقب تلك الزيارة.
بينما قال الجنرال تان كيفي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية: “إذا أصرت الولايات المتحدة على اتخاذ مسارها الخاص، فلن يقف الجيش الصيني مكتوف الأيدي، وسيتخذ بالتأكيد إجراءات قوية لإحباط أي تدخل لقوة خارجية”.
توترات متزايدة
وحسب تحليلات لخبراء ومنهم بوني جلاسر، مديرة برنامج آسيا التابع لصندوق مارشال الألماني، أعتبرو ان خطورة توقيت الزيارة لا تقل أهمية عن الزيارة نفسها، حيث أن الرئيس الصيني يحتاج إلى إظهار قوته قبل المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي المقرر انعقاده في وقت لاحق هذا العام، وبالتالي ان أي سلوك من شأنه إضعاف سياسة الصين الواحدة، التي تتبناها بكين، قد يدفع بالرئيس الصيني للرد على ذلك، من خلال إعلان الجيش القيام بمهمة تدريب كبيرة بمشاركة طائرات وسفن حربية تندفع بعمق تجاه مجالات جوية وبحرية تايوانية.
وهي ليست المرة الأولى يتبادل فيها الطرفين الأمريكي – الصيني، إشارات من هذا النوع، ففي أبريل من العام الجاري 2022، زار وفد أمريكي يضم ستة من أعضاء الكونغرس الأمريكي، تايوان، لإبداء الدعم لها في مواجهة الضغوط الصينية، وكان رد الصين على تلك الزيارة بإجراء تدريبات عسكرية هجومية في بحر الصين الشرقي والمنطقة المحيطة بتايوان، وصرح في وقت سابق، المتحدث باسم قيادة مسرح العمليات الشرقي لجيش التحرير الشعبي، شي يي لو، قائلاً: “هذه العملية رد على إرسال إشارات خاطئة على نحو متكرر من الولايات المتحدة بخصوص تايوان في الآونة الأخيرة”.
الصدام في آسيا “مسألة وقت”
خلال شهر يوليو/ تموز عام 2022، أجرى الرئيسان الأمريكي، جو بايدن، والصيني، شي جينبينغ، مكالمة هاتفية استمرت أكثر من ساعتين، عبر بايدن خلالها عن معارضته الشديدة لأي تحركات أحادية الجانب من شأنها تغيير الوضع في الجزيرة، بينما طالب شي واشنطن الالتزام بمبدأ الصين الواحدة، محذراً “أن من يلعب بالنار سيحترق بها”.
وفي سياق التحركات العسكرية، أعلن مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمن في المحيطين الهندي والهادئ، إيلي راتنر، في كلمة خلال ندوة بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن تصرفات بكين في بحر الصين الجنوبي تهدد بوقوع حادث خطير في آسيا والمحيط الهادئ، موضحاً: “على مدى السنوات الخمس الماضية، زاد عدد عمليات الاعتراض غير الآمنة من قبل الجيش الصيني للطائرات والسفن العسكرية التابعة للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها وشركائها الذين يعملون بشكل قانوني في المجال الجوي الدولي فوق بحر الصين الجنوبي بشكل كبير”.
وأضاف أنه “إذا استمر الجيش الصيني باستخدام هذا النموذج من السلوك، فإن وقوع حادث كبير في آسيا سيكون مجرد مسألة وقت”.
وتابع راتنر، أن الصين كثفت جهودها لفرض السيطرة على المحيط البحري، والقضاء على العناصر المركزية للنظام القائم على القواعد، واعتبر أن بكين تظهر الآن قوة عسكرية متنامية مع استعداد أكبر لتحمل المخاطر.
ورغم تأكيد المسؤول العسكري الأمريكي على ان بلاده لا تسعى إلى مواجهة أو صراع مع الصين، إلا ان وزير الدفاع السابق مارك إسبير، يرى أن سياسة الصين الواحدة تجاوزت فائدتها، حيث ألغت وزارة الخارجية الجملة الشكلية حول عدم دعم استقلال تايوان، وتأكيد الرئيس بايدن على ان بلاده سترسل قوات لصد أي غزو قد تتعرض له تايوان من جانب الصين.
Comments 1