تناولت الصحافة العربية باهتمام بالغ زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المقررة خلال شهر يونيو من العام الجاري 2022 إلى منطقة الشرق الأوسط، والتي من المتوقع ان تناقش ملفات ساخنة منها امن الطاقة والعلاقات الامريكية مع حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط والتهديدات الإيرانية على المنطقة.
ويرى كُتاب أن زيارة بايدن للرياض تعكس تغيّر نهج الإدارة الأمريكية تجاه المنطقة من خلال “ترميم علاقاتها مع الدول المحورية” وعلى رأسها السعودية.
زيارة بايدن المرتقبة للسعودية
يقول الكاتب والإعلامي السعودي طارق الحميد، في جريدة الشرق الأوسط، ان زيارة بايدن تأتي وقد اتضح للغرب أنه لا يمكن الوثوق بإيران. ويزور السعودية وهي اليوم أكبر وأسرع حركة إصلاح بالمنطقة، ومن أجل السعوديين أنفسهم، وليس لإرضاء أحد. يأتي بايدن والسعودية النموذج الأمثل في المنطقة مقابل النموذج الإيراني المخرب والمدمر.
ويضيف الحميد قائلاً: ” تأتي زيارة بايدن إلى السعودية، ولقاؤه القيادة، الملك وولي العهد، لترسيخ مفهوم المصالح، وهي الورقة التي تعي السعودية استخدامها دائماً وأبداً، لأن السعودية دولة ثقيلة، وقلعة أمن وأمان واستقرار لكل المنطقة”.
ويقول ايضاً: ” أن الشراكة الاستراتيجية السعودية – الأميركية تعود إلى الطريق الصحيح الآن، بعد محاولات لزعزعتها تحت شعارات واهية أثبتت الأحداث فيها أن السعودية دولة لا يمكن الاستخفاف بمكانتها”.
زيارة بايدن للشرق الأوسط تحمل دلالات كثيرة
أما اللواء محمد إبراهيم نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقد ركز في مقاله على ثلاثة محاور رئيسية للزيارة، الأول هو تسليط الضوء على البيانات الرسمية الصادرة من الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل بشأن الزيارة، الثاني تناول تأثيرات الزيارة على مواقف مختلف الأطراف، أما المحور الثالث عرض اهم مطالب الزيارة من وجهة نظر الكاتب.
وبشأن أولويات الزيارة لكافة الأطراف يرى الكاتب أنه بالنسبة لواشنطن، فتتمثل في الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة وتدعيمها خاصة مع الدول الحليفة لها مع تأكيد مدى قوة العلاقة التي تضررت نسبياً نتيجة بعض المشكلات التي أثرت سلباً على مناخ العلاقات الثنائية خلال الفترة الأخيرة وخاصة مع السعودية، وإعادة التأكيد على الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في نوفمبر من العام الحالي.
أما بالنسبة لإسرائيل فتسعى للحصول على الدعم الأمريكي للحكومة الإسرائيلية ومزيد من الدعم في عملية دمجها في المنطقة والحصول على المزيد من الدعم السياسي والأمني والعسكري تجاه التهديدات الإيرانية.
وبالنسبة للسعودية فتتمثل الأولويات في التأكيد على قوة ومتانة التحالف الخليجي مع الولايات المتحدة، ويرى الكاتب ان وجهة النظر السعودية أن تكون هناك رؤية أمريكية أعمق لهذه العلاقة وأن تركز على القضايا الرئيسية الهامة فقط بعيداً عن أية قضايا أقل أهمية، والتأكيد على عدم الرضا الخليجي عن السياسة الأمريكية تجاه إيران وسياساتها وتحركات وكلائها في المنطقة وأن عدم الجدية الأمريكية من شأنها أن تشجع إيران على التمادي في سياساتها العدوانية ضد دول الخليج وخاصة ضد السعودية.
“هرولة أمريكية” تجاه السعودية
من جانبها توقعت عهدية السيد في صحيفة الاتحاد الإماراتية أن تعمل الولايات المتحدة على الاستدارة في سياساتها الخارجية تجاه دول الاعتدال العربي، بعد أن أصابها التوتر خلال الشهور الماضية بسبب سوء تعامل واشنطن مع ملفات المنطقة.
وترى الكاتبة أن واشنطن “لم تدرك إلا متأخراً ازدهار العلاقات العربية مع دول محورية مثل الصين وروسيا، مما يعكس سياسة عربية متوازنة بين الشرق والغرب”.
تقول عهدية إن إدارة بايدن تحاول “ترميم علاقاتها مع الدول العربية المحورية، عبر العودة إلى إرث الرئيس السابق ترامب”.
وترى هدى رزق في موقع الميادين الإلكتروني أن الزيارة “تعكس تغيير بايدن نهجه تجاه المنطقة وقادة المملكة من خلال الموافقة على زيادة إنتاج النفط، مما قد يساعد في ضبط أسعار الطاقة العالمية المرتفعة، وفي تمديد الهدنة في اليمن”.
وتشير هدى إلى أنه بالنسبة للرياض وأبو ظبي “لا تقتصر المشكلة على الموقف من روسيا وحسب، بل تتعلّق بصورة رئيسية بشكوك متزايدة لدى الحلفاء بالخليج في مستقبل الالتزام التاريخي بأمن المنطقة”.
وترى الكاتبة أن “الحرب الروسية الأوكرانية غيّرت حسابات واشنطن واستعداداتها، وأجبرتها على مراجعة سياستها في المنطقة من أجل ضمان استقرار بلادها”.
ويقول محمد أبو الحسن في صحيفة النهار العربي اللبنانية إن الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط “دفعت واشنطن إلى التملّق للسعودية وتأكيد التزامها بأمن المنطقة”.
ويرى أبو الحسن أن “ذلك لا يعطي النهج السياسي الأمريكي إزاء الخليج طابع الاستدامة، بل هو أقرب للاستغلال”.
ويشير الكاتب إلى أن الرياض “تتعاطى بإيجابية مع الهرولة الأمريكية تجاهها، لما تمثله من أهمية استراتيجية لا بديل منها حتى اللحظة”.
ويتابع بالقول: “تتصرف الرياض من موقع قوة، وتترك الباب مفتوحاً لكل الساعين إليها، في عالم لم يعد محكوماً بسياسة القطب الواحد”.
ويرى أبو الحسن أن “بروز قوى عالمية جديدة على الساحة الدولية يسمح للرياض بتشبيك علاقاتها بما يتناسب مع مصالحها، ويعطيها مساحة من القدرة على اللعب على التباينات بينها”.
ويردف قائلا: “يرحب السعوديون بالعودة الأمريكية إلى الحضن الخليجي أو العكس، ولو مرحلياً، لأن ذلك يلبي ضرورات أمنية واحتياجات تسليحية وإعادة فتح ملفات النووي الإيراني مع واشنطن”. ويخلص الكاتب إلى أن “الرياض ترتاح أكثر إلى الإدارات الأمريكية ‘الجمهورية’ من الديموقراطية””.
وتقول صحيفة الرأي الكويتية إن السعودية “انتصرت بالضربة القاضية” على بايدن “الذي جاء مستجديًا المساعدة والعون لإنقاذ إدارته قبل الانتخابات النصفية، بعدما تسببت سياسته بأعظم أزمة غذائية ونفطية لم يعرفها العالم منذ عقود”.