Site icon مجلة جي فوكس

الدعم الأوربي للمجتمع المدني العراقي: توجهات دعم الشباب في المشاريع الناشئة والصغيرة

يشهد العراق منذ سنوات أعقبت أحداث عام 2003 انتشاراً لمنظمات المجتمع المدني في مختلف المدن والمناطق العراقية، وساهمت مئات المنظمات في تطوير أدوار أفراد المجتمع وانخراطهم في أنشطة وفعاليات اجتماعية وثقافية وتنموية مختلفة بدعم وتمويل من المنظمات الدولية بهدف تنمية المجتمع المدني العراقي. وتوجهت بعض تلك المنظمات لدعم المشاريع الصغيرة وتوعية الشباب على الانخراط في إدارة مشاريعهم الخاصة. ويعد توجه من هذا النوع بمثابة نقلة نوعية مهمة في سبيل دعم قطاع الاعمال الخاص وتوعية الشباب بضرورة الانتقال من ثقافة ” الوظيفة الحكومية” إلى ثقافة الابتكار وتأسيس مشاريعهم الخاصة لتطوير أداء المجتمع وتنويع اقتصاده الوطني من جهة، ورفع العبء عن كاهل الحكومة من جهة أخرى. حيث ان الحكومات العراقية بعد 2003، وبسبب عدم وجود استراتيجية واضحة وملموسة في إدارة مؤسسات الدولة، فقد اتبعت سياسة استحداث وظائف جديدة في مؤسساتها، بل وفي كثير من الأحيان تم استحداث دوائر ومؤسسات من أجل إيجاد مواقع وظيفية فقط، لا دور فعلي لها، لغرض توظيف اكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع، وبالتالي انتشرت ظاهرة “البطالة المقنعة”، وهي ظاهرة متفاقمة يعاني منها العراق منذ سنوات طويلة، والأخطر من ذلك فإن ملف “التوظيف الحكومي” أصبح ورقة رابحة يستخدمها السياسيون في خطابهم الانتخابي في كل انتخابات نيابية، ولم تقف الأمور عند هذا الحد ولكن انتشرت أيضاً ظاهرة ” الفضائيين” وهو مصطلح اطلق على الالاف من الأشخاص الذين تم توظيفهم على ورق ولا وجود لهم من الأساس، وهي ظاهرة فساد كبيرة، حيث يتم تقاسم الراتب الوظيفي بين المسؤول الفاسد وبين الموظف الفضائي، وهي ظاهرة انتشرت خاصة خلال فترة حكومة المالكي، واستمرت الى يومنا هذا. ومن بين تلك المنظمات المجتمعية الخاصة، مؤسسة المحطة لريادة الأعمال – والتي تأسست عام 2018 كمنظمة غير ربحية، وتوجهت بأنشطتها نحو شريحة الشباب العراقي بهدف توفير ظروف ملائمة لدخولهم عالم الأعمال من خلال دعم المنظمة للمشاريع الصغيرة التي تقوم بتدريب الشباب على إدارتها.

 

دعم الشباب لاقامة مشاريعهم الخاصة

حمزة صالح – مدير مؤسسة المحطة في الموصل

في حوار أجرته مجلة جي فوكس الدولية مع حمزة صالح، مدير مؤسسة المحطة في الموصل، يقول: ” ان بداية فكرة تأسيس المحطة لريادة الأعمال، لخلق بيئة عمل مناسبة وبناء مشاريع ناشئة لتطوير القطاع الخاص، وبالفعل تم انشاء المؤسسة من قبل مجموعة الحنظل الدولية كشريك استراتيجي، وهي أول مكان عمل مشترك في بغداد، بهدف مساعدة الشباب العراقي للدخول إلى عالم الأعمال والقطاع الخاص”. مشيراً إلى ان المنظمة قد حازت على تقدير دولي لأنشطتها بفوزها بجائزة البوصلة عن Eco system champion award من الشبكة العالمية لريادة الأعمال GEN والتي اقيمت في السعودية نهاية شهر اذار الماضي عام 2022.

ويضيف: ” رؤيتنا بناء نظام بيئي مزدهر يتألف من رواد الأعمال والفنانين الطموحين لبناء مستقبل اقتصادي صحيح لأننا نؤمن بأن المستقبل سيقاد من قبل جيل مبتكر، لذلك فإن مهمتنا هي تعزيز مشاركة الشباب في مشاريع القطاع الخاص، من خلال تمكين المبادرات المحلية ودعم الأعمال التجارية، والتدريب على بناء القدرات، وإقامة الشبكات”.

 

 

 

وعلى صعيد المشاريع المدعومة والممولة أوربياً، يقول حمزة صالح:” ان بداية التوسع كانت بافتتاح المحطة في الموصل عام 2020، من خلال مشروع “ينهض” الممول من الاتحاد الأوروبي، والخارجية الفرنسية وبتنفيذ من مؤسسة المحطة لريادة الاعمال و خبراء فرنسا، وفي عام 2021 وقعت المنظمة اتفاقية تعاون مع شركة زين للاتصالات على مشروع “The Train” بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدوليGIZ، وفي 2022 تم افتتاح الفرع الرابع للمنظمة في محافظة اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق من خلال اتفاقية تم توقيعها بين شركة كورك للاتصالات وبالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي GIZ أيضاً. وفي الوقت الحاضر ينتشر نشاط مؤسسة المحطة في كلاً من بغداد، أربيل، الموصل، البصرة”.

 

وفي شرحه عن كيفية عمل برامج المنظمة يقول حمزة صالح، مدير مؤسسة المحطة في الموصل:” يتكون برنامج ” ينهض” الممول من الاتحاد الأوربي والخارجية الفرنسية، من 3 مجموعات تستمر كل واحدة منها مدة 3 -4 أشهر وتستهدف فئة الشباب من عمر 18 لغاية 40 عاماً من كلا الجنسين، لتدريب الشباب في مجالات التفكير التصميمي، التسويق ودراسة السوق والمحاسبة. اما برنامج ” رائدات” لتمكين المرأة في ريادة الأعمال وعالم الاعمال، وهو مدعوم من الخارجية الفرنسية، وبرنامج NINEVART لدعم قدرات الشباب في مجالات الفن وصناعة الاعلام والسينما، بدعم من الاتحاد الأوربي واليونيسكو، وبرنامج Takata’a الممول من المعهد الثقافي البريطاني لتطوير الفنانين الشباب في العراق، وكذلك برنامجStartup Huddle الممول من السفارة الامريكية في بغداد، ويعمل على المشاريع الناشئة والناجحة. وأشار صالح إلى مشكلة قلة وجود مدربين في ريادة الاعمال في محافظة البصرة جنوب العراق، ولهذا السبب قدمت المنظمة برنامجاً لتدريب كوادر تدريبية في مجال ريادة الاعمال والتوعية بأهمية تدريس المادة في الجامعات. وبرنامج آخر، The Academy لتدريب وتهيئة الخريجين الجدد من الجامعات لسوق العمل.

الموصل بعد داعش

 

بتأريخ 10 يوليو 2017 أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رسمياً تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش، ثاني أكبر مدن العراق، وكانت مدينة الموصل تعتبر أهم مراكز تنظيم داعش في العراق منذ سيطرته عليها في يونيو 2014، وشهدت انتهاكات واسعة اتجاه المدنيين بحسب ما ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش، وخلال سيطرة التنظيم الإرهابي على المدينة قام بتدمير معالم تأريخية وحضارية مرتكباً فضائع بحق المجتمع في المدينة التي يصفها كثيرون بأنها عراق مُصغر، حيث تضم في نسيجها الاجتماعي، مختلف القوميات والأديان والطوائف.

وفي هذا السياق، يقول حمزة صالح، مدير مؤسسة المحطة في الموصل: ” بعد تحرير الموصل من التنظيمات الإرهابية وجدنا ان من الضروري التوجه إلى هناك لدعم وتمكين الشباب الموصلي، لأن المدينة بعد الحرب تعرضت لخراب كبير في البنى التحتية، بالإضافة الى ان معظم الشباب عاطل عن العمل مع عدم وجود قدرة استيعابية في القطاع الحكومي، لذا كان من الضروري البدء بأطلاق برامج تدريبية كحاضنات اعمال للتفكير و التصميم،  والعمل في ريادة الاعمال، وقمنا بعمل الريادة المجتمعية في المناطق المحررة في محافظة نينوى ومنها قضاء الحمدانية وتلعفر وسهل نينوى.

وفي وصفه لمستقبل مدينة الموصل، يقول حمزة صالح أنه ” يبشر بخير” حيث لا تزال عمليات الاعمار للبنى التحتية للمدينة وتوسيعها قائمة بشكل يومي على قدم وساق، كما ان الاستثمار في المدينة أرتفع كثيراً، حيث ان بعض المشاريع حصلت على استثمارات بمبالغ ضخمة تتألف من 6 أرقام بالدولار الأمريكي، وتوقع ان تكون السنوات القادمة أفضل بكثير من الوقت الحاضر، خاصة في حال تم افتتاح مطار الموصل، لأنه سيعمل على خلق حركة استثمارية واقتصادية كبيرة جداً، على حد وصفه.

وختم صالح بالقول: ” ان الشباب الموصلي متعطش جداً لتطوير نفسه وانشاء مشاريع ناشئة أو صغيرة، في ظل انتشار البطالة المقنعة، خصوصاً ان المجتمع الموصلي مجتمع مثقف وواعي ومتطور، لذلك فأن البيئة الموصلية تعتبر بيئة خام لاستخراج المشاريع.

Exit mobile version